موضوع: 【 أسـرآر مـحآكم الـتفتيش فـي أسـبآنيآ .. و طـرق تـعذيبهم للـمسلمين 】 الأربعاء يونيو 08, 2011 5:35 pm
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
أعزائي وأخواني الفورسا .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كما عودناكم بكل ماهو جديد ومفيد للساحة وللفورسا .. نطل عليكم اليوم بموضوع عن المسلمين في الأندلس بعد سقوط غرناطة [ 897 هـ - 1492م ] .. لبيان بعض ما أصابهم من أجل الحفاظ على دينهم وتوريثه أبنائهم .. في ذلك الجو القاتل المجهض لكل فضل وخير أقامه المسلمون في تلك الجزئية الأندلسية [ أسبانيا والبرتغال ] ..
والمسلمون الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط غرناطة اسمهم المورسكيون [ Los Moriscos ] وجرت أحداث المحاكم الباغية الطاغية عليهم في اسبانيا والبرتغال .. ولكن بهذا الموضوع تم التركيز بصورة رئيسية على وقائع هذه المحاكم في اسبانيا ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
بعد سقوط غرناطة وتسليمها في ربيع الأول 897 هـ [ 2/1/1492م ] .. أثر توقيع معاهدة الضمان والأمانة المزعومة .. للمسلمين فيها .. أو هي معاهدة الاستسلام ثم الانتقام .. والتي تقع في سبعة وستين شرطاً .. على اختلاف جرى تسليم آخر ملوكها أبو عبد الله الصغير مفاتيحها بعد التوقيع وبعد مآل الحال التي وصلت إليه الأندلس نتيجة أحداث .. فأضاعها أبو عبد الله ثلاث مرات .. تقود أحدهما إلى الأخرى حلقات متصلة ببعضها من ناحية وبما سبق ذلك من أحداث مريرة من ناحية أخرى ..
1 - يوم تنازل فتعهد من أجل فك نفسه من الأسر ..
2 - يوم أقام الصراع ضد أبيه وعمه ..
3 - يوم وقع صك الاستسلام وسلمها إلى الملكين الكاثوليكيين فردناند وايزابيل ..
ولم تكن تنوي سلطات اسبانيا النصرانية أن تفي بأي شيء .. بل كان ذلك ستراً يحجب ما تفور به النفس من الرغبة في الانتقام .. وتلك كانت عادة هذه السلطات .. وللأسف طول الزمن .. فلم تنفذ من المعاهدة إلا كل نقيض .. سمة المعاملة الدارجة من السلطات الاسبانية وكنيستها ومن عاونها تجاه المسلمين .. على عكس ما كانوا هم يحظون به من معاملة كريمة غدت من الصعوبة بمكان لي أحد .. فضلاً عن الباحثين ، إنكار حسن معاملة المسلمين لغيرهم في اسبانيا بالذات وفي الظروف كلها ..
ولو جرى هذا الإنكار من قبل الباحثين لاسيما الأسبان فسيكون امتداداً وتوازياً للاضطهاد الذي لقيه المسلمون على أيدي غالبيهم بعد ذهاب دولتهم .. ولكن في الأسبان والباحثين الغربيين عدد لا بأس به ممن بين كثيراً من الحقائق المدنية لأفاعيل تلك السلطات ..
ولو طبق جزء يسير من تلك المعاهدة أو حتى لم يطبق منها شيء .. فتركت الأمور لنفسها ، دون ذلك الأعداد الرهيب للاضطهاد المبيد لوجدنا الإسلام اليوم وجوداً واضحاً في اسبانيا .. لأن الإسلام يقوم بذاتيته الإلهية وطبيعته الربانية ونظرته الغنية الكريمة .. فلا يزول بل ويتسع .. لأنه هو القوي ولا شيء يقف أمامه ..
وهذا ينسجم مع دين الله تعالى أنزله خالق الكون والإنسان والوجود وكل شيء .. وهو ما جعل الآخرين [ لإفلاسهم تجاهه ] لا يملكون غير الاضطهاد لأهله والإبادة البشعة لكل أمره .. متجردين من أدنى صفة إنسانية أودت بهم في هاوية الحيوانية [ أجلّكم الله ] الوحشية ..
بدأ نقض البنود والعهود واحداً واحدا .. جزءاً أو كلا ..
وذهبوا إلى أبعد من ذلك شيئاً فشيئاً حتى وصل الأمر إلى الموت بأبشع الطرق بالحرق أو الموت البطيء لكل من يثبت عليه أي التزام بالإسلام أو ما يفصح أنه ما يزال يواليه ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
وخلال تلك القرون السوداء [ التي زادت عن الثلاثة من عمر محاكم التفتيش في اسبانيا ] حتى على اسبانيا النصرانية .. والتي تلت سقوط غرناطة والتي مازالت آثارها السيئة تنال من اسبانيا وشبه الجزيرة الإيبرية عموماً .. وشملت اليهود وغيرهم وقتاً ما ، تلك القرون الثلاثة دارت باسبانيا محاكم تفتيشها إلى الوراء بل إلى الهاوية .. تلك المحاكم التي تسلطت على المسلمين في الأندلس حتى كان آخرها العقد الرابع من القرن التاسع عشر [ 1835م ] ..
استهلكت هذه المحاكم كل طاقة اسبانيا النصرانية وشغلتها وضللتها وأضلت بها .. وكان هذا الانشغال الواسع في المكان والزمان وترويع الإنسان دليلاً على قوة تمسك مسلمين الأندلس بدينهم وكثرة عددهم .. فلم يفرغ من قضيتهم إلا بعد ما يزيد على ثلاثة قرون .. وإن كانت اسبانيا خاصة بقيت تحكم بروح محاكم التفتيش بعد ذلك بكل ما يتعلق بالإسلام ، ولو بعدما اطمأنت كنيستها إلى زوال أي اثر أو مؤثرا لهم ولكن روح هذه المحاكم الكنسية والرسمية مازالت ترتع وتئن تحتها فطرة الإنسان في اسبانيا وإن تفاوت وتفلت منها إلى حد غير قليل ..
وهذه القرون الثلاثة [ وزيادة ] مليئة بالأحاديث العجيبة في كيفية هبوط الإنسان وإيغاله في الوحشية إذا تلوثت فطرته أو فسدت نتيجة بعده عن هداية الله تعالى : الإسلام .. الذي يؤمن تابعه بالأديان السابقة وتولي رعاية موكب البنوات ليكون آخرهم ووارثهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين .. ليكون هداية لأهل الأرض كافة ، وكل أهل الكتاب [ لاسيما النصارى ] أولى من غيرهم بالإيمان به .. وقد استجاب لهذا الكثير منهم ، واسبانيا الإسلامية مثال .. بينما عاداه آخرون .. وسلطات اسبانيا النصرنية وكنيستها في الغرب مثال على هذا العداء القاتل وفي الغرب لاسيما أوروبا ، وفي اسبانيا النصرانية كبره ..
وإن البعض ليعلل سبب زيادة حنق الكنسية في الغرب وأوروبا بالذات [ بداية نهضتها العلمية ] على العلم والعلماء وما ارتكبته بحقهم وموقفها منهم .. هو إسقاط لموقفها من الإسلام عليهم باعتبار تلك العلوم إسلامية ومنقولة من الحضارة الإسلامية خلال المعابر المعروفة وأكبرها الأندلس التي ماجت بالعلم وحفظت معالم هذا الدين وحملت نتاجه ومواقفه وجهاده فكانت موطن حضارة وميدان جهاد رغم كل ما مر بها من تلكآت وتنكرات وارتباطات وارتكابات داخلية وخارجية ..
وإذا كان بعض المنصفين من الباحثين الغربيين قد جرَّموا شارل مارتل [ المطرقة ] في بلاط الشهداء 114 هـ [ 732م ] فلعله تتاح الفرصة في يوم يأتي أو قد بدأ لتجرَّم وتحاكم وتدين وتحكم خمينس والملكين الكاثوليكيين وسلطات اسبانيا الكنسية والرسمية التي تبنت محاكم التفتيش .. وكل الأسماء التي خدمت هذه الموجة الظالمة لقيادتها .. ويدين الأسبان أنفسهم ما قام به هؤلاء .. وقد بدأ هذا الأمر وأخذ يزداد ولابد من بيان ذلك من قبلهم كي تتحطم أوثانهم في النفوس والحياة .. ولكن لابد لهذا من مسعى يفصحه ويخرجه واقعاً منتصراً .. تُرد له الحقوق وتفوز به النفوس ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
عقد سنوات [ أو تزيد ] مرت يوم اصطدمت سيارة بحائط لدار قديمة في قرية [ خراكوا ] قرب مدينة بلنسية الأندلسية المسلمة على الشاطئ الشرقي للأندلس المطل على البحر المتوسط .. وتهدم الحائط الذي حمت أحجاره وآوت لقرون .. مخطوطات إسلامية ثمينة أمينة عليها .. فكانت كشفاً علمياً كبيراً ..
ويبدو من معلومات متعددة واستنتاجات أن هذه الحادثة لم تكن فريدة .. فقد آوت مباني دور المسلمين في الأندلس في هذه القرون الثلاثة العجاف في أي مكان منها أرضها سقفها حيطانها أعمدتها الكثير من مثل هذه الذخائر التي حفظت جزءاً من علوم المسلمين حتى يصل إلينا بعد أن رأى ما أصاب ذلك من التحريف والتمزيق والتحريق أكبرها ما جرى إحراقه من القرائح والأفكار والنتاج والجهد الخير وعصارات البصائر المخلصة المضيئة في رحبة باب الرملة في غرناطة سنة 904 هـ [ 1499م ] جرى كل ذلك في ميدان باب الرملة ورحبتها في غرناطة بعيد سقوطها تحت مرأى والأمر القاصم من سلطات اسبانية الرسمية والكنسية برعاية مطرانها خمينس حتى لقد قيل إن ما أحرق في ذلك اليوم الذي سموه من أعمال الإيمان في حفل جرى له الاستعداد قد يتجاوز تقديره أو يعانق المليون مخطوط ..
وتفسير هذه الظاهرة النادرة ، ظاهر أخفاء الكتب في الدور إنه حين بدأت سلطات اسبانيا النصرانية الصليبية تتعقب المسلمين بعد ذهاب سلطانهم وسقوط دولتهم آخر حصونهم غرناطة سنة 897 هـ [ 1492م ] فزال وجودهم السياسي يوم ذاك .. دأبت تحارب كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين لتقهرهم وتعاقبهم بفنون العقوبات التي تنتهي بالإبادة والموت لهم ولوجودهم الإسلامي .. وقننت ذلك بمحاكم التفتيش الاسبانية الصليبية المتوحشة التي اعتادت إنزال عقوبات على أي أحد من المسلمين حالما تبدو إشارة إليه أو منه أنه مسلم أو له بالإسلام صلة حتى ولو كانت كتباً يقتنيها .. فرأى أهل هذه الدار أن يبنوا ما لديهم من كتب داخل حائط دارهم فذلك أوفر طريقة لحمايتها وحمايتهم ، وبقيت قروناً حتى كانت حادثة السيارة والبيت القديم لتكشف هذا الكنز الثمين .. ورب ضارة نافعة .. !
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
من الممكن تقدير عدد المسلمين في الأندلس لدى سقوط غرناطة بما لا يقل عن ستة ملايين نفس وإلى ثمانية .. بما فيهم المسلمون المدجنون الذين سكنوا المدن الإسلامية التي سقطت قبل غرناطة .. ولعل هذا غير الجزائر الشرقية [ البليار ] : ميورقة ومنورقة واليابسة ..
ورغم ما أصاب المدجنين من إرهاق وعنت وأحكام وصل منها حد الموت وألوان الاضطهاد والكبت والتنصير بالقوة وهدم المساجد أو تحويلها إلى كنائس إلا أنه لم تصل على الدوان إلى ما وصلت إليه في القرون التالية .. وأي صور مخففة في بعض المناطق كان لأسباب منها أن هؤلاء المسلمين المدجنين قوام الحياة في اسبانيا .. وفي طليطلة مثلاً [ إذا كانت السلطة الاسبانية ظهرت أحياناً بهذا المظهر ، وفي أوقات لتلك الظروف ] بجانب وجود سلطان إسلامي للمسلمين في غرناطة يخشونه وهذا مما جعل خطر النصارى نحو المسلمين يتمتع من طبيعته وأنه يعني أن الذي أثار الحقد وزاده هي السلطات الكنسية والرسمية ..
ويوم سقطت غرناطة كان عدد سكانها نحواً من أربعة ملايين .. والغريب أنه لم يبق الآن مسلم في اسبانيا والبرتغال .. عدا ما يذكر عن منتسب هنا ومتعاطف هناك .. ذلك أن معاهدة استسلام غرناطة نقضت بسرعة طورد المسلمون وكل ما يتعلق بهم من حرق للكتب وللإنسان وتهديم للمساجد والقصور أو تحويلها إلى كنائس .. حتى في قرطبة التي سقطت سنة 636 هـ التي بلغ عدد مساجدها في القرن الرابع الهجري مثلاً نحو 1600 مسجد .. أو يزيد ..
ومنذ السقوط الأخير 897 هـ .. بذهاب سلطان المسلمين في الأندلس .. بدأت النية المبيتة بنقض كل شيء وارتكاب أي شيء .. رغم أن معاهدة التسليم موقعة عليها من الأعيان والرهبان والملكين الكاثوليكيين وابنهما ومؤكداً ذلك بقسم أن يلتزموا بها وإلى الأبد وصدق الباب على ذلك، فما هي إلا مديدة حتى ظهر المكتوم وشيكاً ..
ففي السنة التالية كان طرد وترحيل أبو عبد الله الصغير إلى المغرب وسكن فاس .. وصبت الحرب على كل ماله ومن له علاقة بالإسلام والمسلمين .. وكان أشدها وأبشعها على المسلم نفسه بقصد الإفناء لكل ذلك ..
وقد تكلم في هذا العدد من الباحثين الغربيين والأسبان كذلك .. ومن لم يصدق ستأتيه الأدلة القوية والنصوص المهمة .. كما جرى في قضية السيد القمبيطور ومرتكباته التخريبية واعتداءاته الوحشية في مدينة بلنسية الإسلامية التي قاومت واحتملت في أشد الظروف وهي أبية .. فجرى إعادة النظر في كل ذلك بعد أن عثر على نص ابن علقمة [ 428 – 509 هـ ] المؤرخ البلنسي الذي اشهد أحداثها وربما شارك فيها ..
وإذا توفرت بعض الدراسات الحديثة في هذا الموضوع فإن ما لم ينشر من مصادره المخطوطة وسجلانه المخبوءة غير قليل ..
ومكتبات المغرب والمغرب الكبير مستودع للمخطوطات الأندلسية الباقية الناجية .. ولعل ما نجا من الكتب أكثر مما نجا من الإنسان أو العكس ..
ومثلما احتوى المغرب هذه المخطوطات والمحفوظات المهاجرة احتوى المسلمين المهاجرين إليه والعلماء الذين كتبوا فيه مؤلفات عن الأندلس وتاريخه أو نقلوها معهم .. وبالإمكان وضع قائمة تضم المصادر الأولية لهذا الموضوع مطبوعها ومخطوطها ومنقولات من المفقودات منها ونصوصاً ووثائق فيها وفي بعض المراجع الأسبانية بجانب بعض الدراسات الحديثة ..
استمر هؤلاء المسلين في الأندلس يحتملون ويواجهون إجراءات التنصير القهري وواجهوا الموت من أجل ذلك وتقبلوه بل وأصروا على عقيدتهم وهم يساقون إليه واحتملوا الموت بمجازره تعذيباً والقاءً من مرتفع وحرقاً وقتلاً سريعاً أو بطيئاً أو دفناً أحياء فردياً وجماعياً رجالاً ونساء بقوة وإصرار طيلة ثلاثة قرون أو أكثر عمر محاكم التفتيش المليء بالنوادر وحتى بعد ذلك .. وكم ثاروا وقاتلوا وجاعوا وضحوا .. وكم احتملوا خلال ذلك الإجبار على ما يخالف دينهم .. ففي مدينة آبلة تم حرق 113 مسلم في ثلاث سنوات أو أقل [ 1499 – 1502م ] وفي طليطلة أعد بالموت حرقاً 1200 شخص في جلسة واحدة ..
وكل لك كان يبارك من كل أهل الصلاحيات حتى بابوية روما .. وهذا لم يجر في غرناطة وحدها بل في كل مدنس الأندلس .. أما المظالم الاجتماعية والحرمان من ممارسة العقيدة والحريات العادية العاملة فتلك أوليات ..
تأسست محاكم التفتيش الإسبانية قبل سقوط غرناطة في المدن الأخرى ولكن بسقوط غرناطة بدأت عملية التنصير فجندوا أفواجاً من الرهبان والراهبات ظناً منهم أن ذلك يتم بسرعة فخابوا .. وبدأ الضعف .. لكن صلابة المسلمين أدهشتهم ..
فمنذ السقوط بدأت عمليات الاضطهاد والتعصب وهاجر الكثير إلى المغرب واستمرت الحرب حتى بدأت عمليات التنصير العلني الإجباري سنة 904 هـ [ 1499م ] وفيها تم إحراق الكتب في ميدان باب الرملة .. وأجبر الناس على تسليم ما عندهم منها إلى السطات في سائر مدن غرناطة بعد ذلك في سنة 1511 .. فتلا حرق الكتب الذي تم في عام 904 هـ ، قيام ثورة البيازين أحد أحياء غرناطة نتيجة للاضطهاد والتنصير القهري ، فصدر قرار بعد ذلك بتعميد أبناء المسلمين قهراً في كافة غرناطة ، ومثل هذا أو قريب منه حدث في البرتغال ، ولأجل إنقاذ غرناطة من الكفر !! في زعمهم أصدرت السلطات الإسبانية الكنسية والرسمية سنة 1501م أمراً بمنع تواجد المسلمين في غرناطة ، ومنع المسلم من ممارسة عقيدته ولغته .. وحال المسلمين الاستعانة بسلطان مصر وغيره وأرسلوا لذلك سفاراتهم ، فكانت ثورة البشرات في نفس العام 1501م ..
وكان المسلمون حين أجبروا على النصرانية لجئوا إلى التظاهر بها وإبطان الإسلام ، وهؤلاء هم المورسكيون [ Los Moriscos ] حفاظاً على دينهم ، فكم احتملوا وقاتلوا وطلبوا العون من جهات .. وصدر في السنة التالية أمر بالرحيل أو التنصر .. وفي سنة 1518م صدر للمرة الثانية أمر بتغيير الملابس ..
واستمر هذا الجو يزداد حده وتكثر فيه القرارات .. حتى صدر سنة 1524م قرار تأكيد بإجبار كل مسلم أن يختار بين التنصر أو الرحيل .. ومن لم ينفذ ذلك فمصيره الاسترقاق مدى الحياة .. وتم به تحويل جميع المساجد إلى كنائس وحرم التخاطب والتكاتب باللغة العربية واستعمال أي شيء من العادات الإسلامية وتجريد المسلمين من كل شيء ..
وفي سنة 1525م صدر قرار بمنع المسلمين من أمور ويجبرهم على ملابس معينة .. وفي آخرها فرض التعميد وأمر أهل بلنسية المسلمون بالخارج .. وفي سنة 1529م فرض على سائرهم الخروج .. وفي سنة 1565م حرم الكلام بالعربية وحرم غيرها .. وتجدد هذا وغيره في سنة 1566م فكان لديهم اللغة المسماة بـ الخميادو [ Aljamiado ] وهي استعمال القشتالية وكتابتها بالحروف العربي ، ولكن لم يمر ما إذا وجدت كتابة العربية بحرف قشتالي مقابل ذلك ..
وعلى أثر ذلك قامت ثورات متعددة منها في سنة 1569م واستمر الأمر بين ثورة وقرار للطرد والموت والحرمان ومنع وقمع كل شيء ، وجرت هجرات إلى بلدان المغرب والجزائر وتونس ومصر والشام والقسطنطينية وربما العراق .. وأرسلت خلال ذلك إلى مناطق متعددة استنجدت ووصلت نجدات من جهات .. ومنهم الأخوان بربروس : عروج وخير الدين ، واستشهد الأول في الأحداث سنة [ 1517م ] واستمر خير الدين يعاون الأندلسيين حتى أصدر الملك فيليب الثالث قرار الطرد الأخير سنة 1018 هـ [ 1609م ] الرحيل إلى المغرب أو إلى أي مكان وإلا فالموت ..
فرحل منهم مئات الألوف ومات مثلهم .. واستمرت المطاردة وأحكام محاكم التفتيش تفني العباد وتدمر البلاد ، وما ارتكبته كان فظيعاً وشنيعاً ، ود مارست ما يخرب كل عمران [ ويهلك الحرث والنسل ] ..
وحينما ضبط مسجد صغير في قرطاجنة في الأندلس سنة 1769م جرت عليه وعلى أهله العقوبة .. فالمسجد دوماً دليل الحياة وقلبها النابض بالحركة .. واستمر هذا الأمر كذلك ، وكان من آخرها ما جرى في بداية القرن التاسع عشر الميلادي ذلك أنه بعد صدور مرسوم نابليون سنة 1223 هـ [ 1808م ] بإلغاء محاكم التفتيش الإسبانية فلم يعمل به .. وقام أحد ضباط الحملة الفرنسية التي احتلت مدريد في السنة التالية [ مع فرقة عسكرية مسلحة ] بمتابعة هذا الأمر وتحريه فلم يحصل على شيء ، ثم عرفوا ديراً قرب مدريد مازال يمارس أعمال محاكم التفتيش فاحتلوه وفتشوه ولما شك في الأمر ولم يصدق ادعاء الرهبان بالتخلي عن ذلك ومقته من قبلهم وكانوا يقفون في غرفة عند مدخل الدير أمر برفع السجاد منها وصب الماء وتبينت باب أرضية كأنها قطعة من أرض الغرفة تفتح بواسطة حلقة صغيرة وضعن إلى جوار رجل مكتب الرئيس ، فكسروها ودخلوا بسلك يؤدي إلى باطن الأرض فكانت دهاليز مظلمة ، فأخذوا شمعة كبيرة وهبطوا إلى داخل تلك المدرجات فوجدوا هناك مجالس محاكم التفتيش واطلعوا على أدوات التعذيب وغرف صغيرة في حجم الإنسان بعضها عمودي وبعضها أفقي يسع الأول إنساناً واقفاً حتى يقضى عليه والآخر ممداً حتى يموت وتبقى الجثة في السجن حتى تبلى ويسقط اللحم عن العظم ، وفتحت منها كوة صغيرة لتصريف الرائحة ، فدخلوا تلك الغرف ووجدوا عدة هياكل بشرية لا تزال في أغلالها ..
وكان بعض السجناء نساء ورجالاً أعمارهم بين 14 - 70 وقد أمكن إنقاذ بعض السجناء الأحياء ، وهم في آخر رمق .. وكان بعضهم قد أصيب بالجنون من الخوف والتعذيب وكان السجناء عرايا زيادة في النكاية ، ثم ستر الضباط النساء منهم وأخذوا إلى النور تدريجياً ، فأخذ هؤلاء يبكون فرحاً بإنقاذهم ويقبلون أيدي الجنود ..
واطلعوا على آلات التعذيب في غرفة خاصة بها منها آلات تكسير العظام وسحق الجسم ابتداءاً من عظام الرجل فالرأس واليدين وبالتدريج حتى تأتي الآلة على كل الجسد ليخرج من الجانب الآخر كتلة واحدة .. وعثروا على صندوق في حجم رأس الإنسان تماماً توضع فيه الرأس المعذبة ببعد ربط الأيدي والأرجل ويقطر على رأسه من ثقب في أعلاه ماء بارد بانتظام وقد جن من جراء ذلك الكثير ويبقى المعذب حتى الموت .. وعثروا على آلة يسمونها السيدة الجميلة ، وهي تابوت تنام فيه صورة امرأة جميلة مصنوعة على هيئة الاستعداد لعناق من ينام معها ..
وبرزت من جوانب التابوت عدة سكاكين حادة .. وكانوا يطرحون الشاب [ ولعلها للشباب خاصة ] فوق هذه الصورة ويطبقون عليه بسكاكينه حتى يتقطع ويموت ببطء .. وعثروا على عدة آلات لسل اللسان وتمزيق ثدي النساء وآلات جلد بعد تعرية حتى يتناثر اللحم من العظم ، وفرح الناس الذي حضروا هذه المشاهد مع الجند لذلك فرحاً شديداً مما يدل على أنهم هم أنفسهم كانوا تحت وطأتها فكان عندهم يوماً شبيهاً باقتحام الباستيل الفرنسي ..
لكن هذه المحاكم عادت مرة أخرى سنة 1229 هـ [ 1814م ] بأسبانيا كصحوة الموت كي تموت إلى الأبد ..
هذا هو الرجاء والأمل إن شاء الله تعالى .. ولكن للأسف فإن مثل هذه الأفعال مازالت تمارس حتى اليوم في مواطن كثيرة ، بل وفي بعض بلدان العالم الإسلامي بأشكال متعددة وتحت شعارات مدعاة للطغيان .. إنه يجري غرباً وشرقاً في داخل الجمهوريات الإسلامية وفي أفغانستان الجريحة وفلسطين الذبيحة وقبرص والفلبين وغيرها وغيرها ..
ولكن إذا كانت هذه المحاكم قد انتهت في اسبانيا والبرتغال بالشكل هذا .. فقد استمر الاضطهاد والحجب والتشويه للإسلام وإيغاز الصدور والتحريض عليهم بالكذب [ بشكل أو آخر ] بعد أن لم يكد يبقى مسلم في اسبانيا والبرتغال .. غير الولاء والعاطفة ..
فنتيجة لذلك [ بعد هذه القرون السوداء العجفاء ] نشأن ناس بمرور الزمن مسلمين حجبوا عن معرفة الإسلام .. فنسوه مع تتابع الأيام ، وصار الارتباط به ولاءً وعاطفة وبعض المظاهر غامضة كعادات يمارسونها ..
فمثلاً وجد في مدينة طليطلة .. التي سقطت سنة 478 هـ [ 1085م ] أن الأهالي فيها لا يزالون يذبحون الأكباس حتى سنة 1329م وبقي فيها مسلمون قلبوهم مطمئنة بالإيمان إلى ما بعد سنة ألف للهجرة .. وحتى قبل نصف قرن [ من الآن ] حدث أن أحد المغاربة وقع في هذه الأيام الأخيرة ببعض قرى طليطلة فوجدهم يذبحون الأكباش يوم عيد الأضحى المبارك [ النحر ] ويقولون أنها عادة توارثوها عن آبائهم ..
ومن الآثار المتبقية كذلك وذات إشارة وصلة بإمكانية تواجد مسلمون لعهد قريب نوعاً ما ، إن جداول مدينة مرسية إلى سنة 1920م .. بقيت كما كانت أيام المسلمين ..
إن مسألة الأندلس أو مأساتها هي مأساة الإنسانية ، وقلما يوجد في التاريخ لها مثيل وفي مثل نوعيتها وأسبابها وهدفها وتاريخها وبمثل هذه الصورة والمدة والأساليب والكثرة .. وإن كان ما زال المسلمون في العالم وفي تاريخهم يعانون ما يقترب من هذا أو يشابهه [ فصبر جميل والله المستعان ] ..
فيمكن الاستنتاج [ على اعتبار تقدير العدد الكلي للمسلمين في الأندلس لدى سقوط غرناطة ، من ستة ملايين إلى ثمانية ] من ذلك أن عدد المسلمين الأندلسيين الذين هاجروا من ثلاثة ملايين إلى أربعة ومن قُبروا من مليونين إلى ثلاثة والباقون ذهبوا وتشرد [ ولله الأمر من قبل ومن بعد ] ..
ولكن رغم كل تلك الظروف التي يعجب الإنسان المطلع عليها كيف أمكن أن ينجوا في اسبانيا شيء له بالإسلام صلة .. حتى جثث الموتى الذين قضي عليهم بالموت جماعات أو ربما دفنوا أحياء غيبت آثارها وكشف عنها حديثاً .. فهل نعجب من هالك كيف هلك أم من ناجً كيف نجا ؟!
ويأبى الله إلا أن يكشف ما خبأته دخيلة الأرض والحيطان وما عميت عنه الأخبار وما أراد الباطل طمسه أو القضاء عليه من الحق والخير والدعوة الكريمة ..
لكن آثار الإسلام في اسبانيا اختلطت بكل ما فيها وحملت في أرحام حافظت على كثير منها وصارت في دماء اختلطت بها لابد أن يظهر نبضها حياً ملموساً ، وقد بدأ بأكثر من أسلوب منذ نهاية القرن الماضي وبدايات الحالي سواء عن طريق الاهتمام بالمباني أو بالمعاني في دفائن العلم ورهائنه أو في سلسبيل ينتقل خفياً وراء بشرة الإنسان فيها الذي بدأ يظهر جلياً ..
فمثلما لم تمح الآثار من الناس والمدن ستبقى جذورها مثلما تبقى ثمارها وتنمو وتحبوا ، فالأندلس محفور إسلامها مثل غيره وشبيه غائر فيه مهما بدت آثاره بالية وصورته غائبة .. فالإسلام المحفورة آثاره في اسبانيا كانت حقائقه والارتباط به باقياً وثابتاً في أي موقع ولو في أصلابها .. اتصلت أو انقطعت ولو بخيط رفيع لكنه قوي بقيت الآثار المتنوعة بإرادة الله .. ومن الأسبان أنفسهم ..
وكم جرت محاولات لتشويه حتى المباني لكن المسحة الإسلامية باقية ، وليس في الآثار فقط ..
إن الذين تنصروا بعد سقوط غرناطة [ إن وجودوا ] منهم قلة ، وأتشكك حتى في وجود هذه القلة .. ولعل هؤلاء أو أكثرهم [ إن وجدوا ، فهم قد تظاهروا بالنصرانية ] من الذين لم تتفاعل نفوسهم مع الإسلام أو بمرور الزمن ، نشأ جيل لا يعرف الإسلام في بداية الأمر ، ربما كانوا من الذين دخلوا الإسلامية بغاية أخرى .. وإن الذين كانوا بهذه الصيغة في بداية الأمر قد أظهروا التنصر ولعل هذا كان مما أغاض الكنسية وأثارها أكثر ..
وفي كل مرة كانت السلطات الأسبانية تدهش لما ترى من تمسك المسلمين بدينهم وتفاجأ بذلك ، بعد أن ظنت أنها قضت عليه .. وكم ثورات قامت حتى بعد قرن أو يزيد حرب في الدفاع عن العقيدة والاستشهاد من أجلها .. ومن مجمل قضايا ذكرت في هذا البحث دليل على رسوخ هذه العقيدة في النفس ..
ولذلك في كل مرة كانت الكنيسة تصدر أمراً أشد وأقسى كما تبين ..
إن المسلم [ مهما بعد ] إذا كانت بذرة الإيمان في نفسه قائمة ، فإن استنهاضه واستبقاءه وبقاءه وثباته في دائرة الدين أمر طبيعي ..
ولكن بمرور الزمن أصبح جيل من المسلمين في اسبانيا والبرتغال ، بعد سقوط الأندلس ومرور السنين ، جهل الإسلام ولا يعرفون شيئاً إلى أقل من القليل ، وغدوا إذا أحسوا بالصلة فإنها عاطفة .. ولعل المستقبل يحمل في رحمه عن ذلك أخباراً مهمة ..
ويستخلص من تصانيف ما دون عن الأحداث أن كل الذين دخلوا النصرانية بعد سقوط الأندلس كانوا يخافون إسلامهم ويمارسون عبادتهم ومعتقداتهم سراً ويجتهدون في توريثه أولادهم ، حتى الذين تركوا العبادة خوف الموت من أدائها ، فقد بقوا على الإسلام إقراراً .. لكن بمرور الزمن وأجياله تغير الأمر ..
أما الذين تنصروا فعلاً فلم يكن إسلامهم عميقاً أو أسلموا ظاهر لأسباب دنيوية ، أو أنهم تنصروا في الظاهر .. وإن بعض الأوضاع في بلداننا اليوم من العالم الإسلامي أو التي فيها مسلمون تحاول أتباع نفس الأسلوب ، فإنه بجانب الاضطهاد ومنع بيان الإسلام بل وتشويهه وزرع اتجاهات أخرى فكرية وخلقية يعملون على تجاهل وتجهيل كل شيء إسلامي ، وكأنه غير موجود ، كل ذلك يجري بجانب عمليات التضليل الأخرى .. ومما يجري في بعض دول أفريقيا على ذلك مثال ..
إن سقوط الأندلس لا يعني انتهاء الوجود الإسلامي فيها ، فإن كان ذلك رسم وقتها انتهاء وجود سياسي لهم فلا يعني بحال نهاية وجودهم الإنساني ، وحتى الآن .. كما يتبين بآثاره المتنوعة ..
ولذلك كان هذا أمل المسلمين ، نلمحه في كتاباتهم حين يذكرونها ، ولو بعد مدد طويلة ، كانوا يقولون : ردها الله للإسلام .. وهذه الحقيقة ستتضح ، فإن الإسلام الذي غرس الأرض ولو فترة ثمانية قرون لا تتحول إلى صحراء مادام للماء وجود وينابيعه في الأجواف تمور وتدور .. لأن القوة مهما كانت ، إن نفعت مع أي أحد أو شيء فليس مع الإسلام ، وإن الخير مهما غاض أو كُبت فسوف ينهض يوماً من حيث لا يحتسب حتى أهله .. تلك قضية أرادها الله وليس من خير إلا في الإسلام ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
الباطل دوماً عاجز عن مواجهة الحق ، إذ لا يملك غير البطش القاتل والقهر المميت في كل العصور ، ولاسيما حينما يتولى سلطة يجند نفسه وأتباعه ويستهلك طاقاته والإمكانيات لهذا الغرض ، لإبادة الحق وأهله ويضع لذلك قوانين الجاهلية ، يقف من ورائها مكشراً كالحاً متعطشاً لدماء المؤمنين بالله والمجاهدين في سبيله .. وهكذا دائماً المواجهة بين الكفر والإيمان في كل زمان ومكان ، والإنسان هو الإنسان إذا غوى هوى ، ولا يرتقي إلا إذا هُدي إلى شرع الله ودعوته وطريقه الحق المستقيم ..
وقصة أصحاب الأخدود التي ذكرها الله في القرآن الكريم على ذلك خير شاهد وأبلغ دليل ، ومثل ذلك جرى ويجري خلال العصور كثيراً ، ومنها ما جرى في محاكم التفتيش الاسبانية الصليبية التي أقيمت للمسلمين في الأندلس لاسيما بعد سقوط غرناطة سنة 897 هــ .. واستمرت تلك المحاكم ما يزيد على ثلاثة قرون ، ثقيلة عجافاً مهلكة ، ما كان يخطر على بال أحد غيرهم أدنى صورها ..
أتبعت سياسة الحجر على كل ما هو إسلامي حتى للمسلمين أنفسهم أن يمارسوه أو يتنفسوه ، والقهر لكل معنى وحتى يمنعهم من العبادة ومباشرتها ، فضلاً أن يغرسوها في أخلاق أبنائهم ، ثم الإبادة والإماتة بالدفن والحرق لكل ما له بذلك صلة ، حرق النتاج الإسلامي في الكتب وقبلها حرق المسلم نفسه الذي يحمل معاني الإسلام ويتمثلها وينهض لها ويعمل من أجلها ..
وغداً عندهم الاحتفال بهذا الأمر بوحشياته المتنوعة مألوفاً مرتبطاً بمناسبات يتسلى بها رجال الكنسية وغيرهم وحولها يسمرون .. إنها تاريخ أسود رهيب ومرعب ، بل ورعيب ، وتوفرت في ذلك قصص وبعضها كأنها خيال أو هي منه أغرب ، لولا أنها وقعت وتقع على الدوام حين تغيب معاني الخير وتسود الجاهليات في أي قوم ووقت وبلد ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
ويبدوا من متابعة موضوع محاكم التفتيش أن مقراتها على الأغلب كانت تقوم في الأديرة والكنائس ، وهذا منتظر لأن الذين يقومون بها سكانها ورعاتها .. فمحاكم التفتيش ولدت في أحضان الكنسية وفيها عرفت وترعرعت وأنبتت .. وكان لهم جيش وكيان وكأنه دولة بل هو الدولة ، والذي يرتكب هذه الفعال تنتظر منه كل ثمرات فساد الفطرة بالبعد عن العقيدة الحقة في كل أحواله ، فالهداية حق وصدق وكل لا يتجزأ ، كما أنه عرفت أماكن أخرى لها ، وهي بعض المباني الإسلامية من الحصون كحصن [ سنتمنكش ] والقصور الإسلامية كقصر [ الجعفرية ] في سرقسطة إذ اتخذته محاكم التفتيش لها مقراً مبكراً سنة 1485م .. وكذلك قصر الخلافة القرطبية القديم ، وربما جعلت المساجد لذلك مكاناً .. زيادة في النكاية والأذى والامتهان وإيغالاً في الإيلام ..
ورجال الكنسية والأديرة ونساؤها هم الذين قاموا بذلك وقادوا هذه الحملة وعمقوها وحملوا الناس على كره الإسلام وأهله وقمعهم ، فأرهبوهم ، وهم نشيطون في ذلك ، بل حينما تكون هذه مهمتها تنشط وتتسلط وهم عامل الحقد الكراهية وحرب الإسلام وما نقوم عليه وله م أجله وحتى موضوع التبشير يتعلق بهذا الأمر فهم نشيطون فيه مع المسلمين وكأنه قام لأجلهم .. والحق أنه أحد فروع الصليبية ، وكما خسرت الحروب الصليبية في الشرق والغرب كذلك لجأت إلى أمور أخرى كالتبشير والاستشراف .. ويظن البعض أنها ذات دوافع أخرى وذلك وهم توهيم كيف لا وهي مازالت كذلك ..
ومحاكم التفتيش تعتبر تتويجاً للحروب الصليبية التي كانت لقرون في الأندلس ، أصاب رذاذها كل من ظن أنه يتعاطف أو يهتم بأمر المسلمين فيها .. ولعل هذا هو السبب في موقف هذه المحاكم من الرسام الاسباني جويا الذي تحفظت عليه الكنسية .. بل إن هذه الروح هاجرت بشكل أو أكثر إلى مناطق أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية .. ولعل هذه الروح هي أكبر سبب لاضطهاد السود في أمريكيا والذي أصل كثير منهم من مسلمي أفريقيا .. وكتاب الجذور لمؤلفه ألكس هالي الذي تحول إلى مسلسلات وفيلم يفصح عن ذلك .. ومن أسف أن المسلسل اقتطع الكثير مما يشير إلى ذلك ، بل إنه ربما من الصواب الاستنتاج بأن ملابس جمعية الكو - كلوس - كلان على مثال جنود محاكم التفتيش وربما فعالها ..
إن هذا الكلام ليس هجوماً على النصرانية ديناً أنزله الله تعالى صافياً .. وهو بريء [ بصفائه ووحدانتيه ونبوته وعلوه ] من كل ذلك ، أي أن عيسى [ عليه السلام ] هو رسول بشر كانت ولادته معجزة اختاره الله ليكون نبياً وأنزل عليه كتاباً ، والمسلم عارف بهذا ومؤمن مستيقن به ، وهذه التي تولت عنها محاكم التفتيش ، وكان أولى بها حسن السلوك وأقرب إلى التصديق بدين الإسلام لو كانوا حقاً نصارى , وكم من نصارى اليوم من أسلم ، بعدما اطلع على الإسلام ، من خلال نصوصه أو تاريخه ، ومنهم قسيسون ورهبان ..
وعلى الأقل فقد أنصف العديد من هؤلاء الإسلام وتاريخه ، وظهر ذلك في كتاباتهم وأحاديثهم ، ومنهم من كان له موقف ونصرة لهذا كله .. أما في الماضي فقد دخل الإسلام منهم أقوام كثيرة .. بل بلدان نصرانية تحولت إلى الإسلام .. برغبتها ومحبتها وغدت من أمته وجنده .. وهذا ينطبق كذلك على أهل الملل والبلاد أخرى ، ومهما كان التفاوت وبأي مقدار ، لكن المواقف الكريمة تبقى موصوفة ومعروفة ، والخير قائم وموجود في فطرة الإنسان ، تنتظر عوامل الإقبال والامتثال , وإن الذي تحمله المسلمون [ خلال تاريخ الأندلس وغيره ، وفي الوقت الحاضر ، في مناطق عديدة ] من الموت والإبادات ، من قبل قوى البغي ، فكرة وأسلوباً ، كماً وكيفا ، وإمكانيات ، كان عجيباً وغريباً ، ووقوف المسلمين في وجهه ذلك دليل على رسوخ العقيدة في هذا الإنسان الذي اعتنقها ..
وموضع هذا المحاكم الوحشية جدير بدراسة مستقلة ، موسعة جامعة موثقة ، بعد اقتناء المعلومات الجديدة ، تزل حجب البصيرة وتكسر جدار الصمت الرهيب المطبق وسدف الظلم والظلمة المفروضة ، وتظهر مدافن ومكامن النسيان السحيقة ..
وكلها تعرف بحقائق غريبة مثيرة ومريبة ، تجعل العالم النصراني والكاثوليكي والاسباني [ قبل الإسلام ] بحاجة إلى معرفتها ليرى أية خديعة كبرى لعبت به وعاش عليها قروناً ، أنزله له رجال الكنسية وقادوه وإلى أمثالها في كل اتجاه وعايشوه عليها ..
ولكن قد باء سعيها وجاء يومه لتدفن هي وتعيش تلك الحقائق في أرضها وفي كل أرض أخرى في هذه الحياة على أرض الله تعالى ، يشبعها النور ويخضرها الماء ويعمرها الإيمان ويبسط عليها بفضل الله تعالى ورعايته وعونه ومنته أروقة الحضارة الإسلامية يعطرها الإسلام وبه تقوم وتقود وتقيم وتستنير ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
وقصة محمد بن عبد الرفيع الأندلسي من مدينة جيان [ جنوب قرطبة ] نزيل تونس المتوفى في مكة المكرمة سنة 1052 هـ [ 1642 م ] التي رواها نفسه في كتاب له مخطوط [ الأنوار النبوية في آباء خير البرية ] رغم رعبها وفظاعتها وبشاعتها ليس أكبر الصور المعبرة والتي ترد في هذا المكان إن شاء الله تعالى .. وتاريخ تحرير هذا الكتاب هو سنة 1044 هـ [ 1634م ] في تونس ..
فيذكر ابن عبد الرفيع أنه كان يحمل ليعلم في مكتب النصارى وسنه أربع سنوات .. لكن والده [ من سن ست سنوات ] كان يعلمه الإسلام والعربية ، وأوصاه بالكتمان ، وشدد في الوصية أن لا يخبر أحداً من الخلق ، ويكتم على كل أحد حتى على أمه وعمه ، لأن الكنسية كانت تتابع من يعلم أبناءه أي شيء عن الإسلام .. وأراد أبوه عبد الرفيع أن يمتحن كتمانه فيرسل أمه لتسأله عن ذلك فينكر ، وكذلك فعل مع عمله لكنه أنكر أشد الإنكار ..
ثم سمح له والده أن يخبر أمه وعمه وبعض أصحابه الأصدقاء فقط ، الذين كانوا يأتون إلى دارهم ويتحدثون في أمر الدين سراً ، فتعرف بأصدقاء آخرين ..
وسافر إلى عديد من مدن الأندلس : جيان وغرناطة وقرطبة واشبيلية وطليطلة وغيرها .. وميز من خلال ذلك سبع رجال يتحدثون عن غرناطة وأحوال المسلمين فيها ..
ثم يتحدث ابن عبد الرفيع في كتابه المذكور عن سقوط غرناطة وترحيل المسلمين منها سنة 902 هـ [ 1497م ] ثم إرغامهم على العودة من سواحل البحر إلى الأندلس لما رأى العدو من عزمهم ، ثم يذكر إرغام المسلمين على الكفر ابتداء من إزالة اللباس الإسلامي والجماعات والحمامات والمعاملات ، فقالت المسلمون مرات .. وكان العدو يحرق بالنار كل من لاحت عليه أمارات الإسلام ويعذبه بأنواع العذاب ، فكم عذبوا وأحرقوا ونفوا من بلادهم وضيعوا من مسلم ..
ثم كان الهروب سنة 1013 هـ [ 1605م ] للمغرب والمشرق خفية ، وكيف سافر بعضهم إلى بلغراد والتقوا الوزير العثماني مراد باشا [ فأبلغوه بما يجري للمسلمين في الأندلس وفرنسا ] الذي نقل هذا إلى السلطان العثماني ، فكتب إلى ملك فرنسا وطلب إليه السماح للمسلمين بالنزوح منها ومن الأندلس على سفن يرسلها ..
ثم يتحدث ابن عبد الرفيع عن الخروج الذي هو النفي الأخير سنة 1018 هـ [ 1609م ] الذي جرى للمسلمين على أيدي محاكم التفتيش وسلطات اسبانيا النصرانية ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
وما يجري أحياناً اليوم في بعض بقاع العالم الإسلامي ، ولاسيما منذ ذهاب خلافته في بدايات هذا القرن ، لا يختلف دوماً أو كثيراً عن محاكم التفتيش الاسبانية الصليبية التي استمرت قروناً ، وقد تفوقها أحياناً في بعض جوانبها وتفنناتها ، وإن اختلفت من بعض النواحي ، كما هو الحال منذ عقود من السنين مما يحدث وراء السهوب وخلف البحار ، ويتم ذلك بأيدي مسلمين ..
ولكن إذا كان ذلك جرى بأيدي غير المسلمين فاليوم قد يجري أيضاً على أيدي مسلمين ، وهم الأعداء حقاً ، بل هي اليوم أكثر تفنناً وأقوى وسائلاً وأكبر مكنة ، تفتري وتدعي وتبرر وتقرر ، وتخشى الحق وهو مجرد إذ لا تملك فكراً ولا حجة ، وهي في جبروتها أخوف .. ولكن حبال الباطل قصيرة ولابد من يوم تقطع فيه وتزول بأيدي المؤمنين ، حين يستعدون للجهاد بكل أنواعه والقوة المواجهة المسلمة ، يفرحون بنصر الله ..
ومحاكم تفتيش الأمس مثلها اليوم وإن لم تحمل اسمها أو تختلف من بعض جوانبها ، تجند كل طاقاتها لإبادة المؤمنين بالله وشرعه لا تفتاً تتخذ كل وسيلة عنيفة ، بجانب تشويه صورتهم أمام الناس ، استهتار وامتهاناً للحقائق والوقائع والفضائل واستكباراً على الله وخلقه وشرعه واستصغاراً للحق وأهله وترويعاً للمؤمنين ومعاداة لكل معنى خير وزهوا بباطلهم ، لما امتلكوا من مناصب ومواقع وقوى ، بها تجبروا وهم صغار ، وأنكروا حق الله فيها وأداء نعمته عليهم ، فاستباحوا الإنسان بعدم استباحوا حقائق الإيمان .. والأمثلة أمامنا كثيرة مثيرة ، في معسكرات الشرق والغرب ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
والمسلم يخدم دينه في كل أحواله ، وحين يموت مظلوماً متهماً يلفه ذلك لقرون ، فيأتي يوم تهب نسائم نصر الله عليه تغسل كل تلك الأوضار وتزيح الأباطيل وتنعش بذور الخير في نمو عفيف وغرس كريم وثمر طيب ، وذلك على الدوام ..
ومحاكم التفتيش الاسبانية الصليبية يوم قتلت وحرقت ودفنت المؤمنين بالله تعالى وقرآنه الكريم ، وشوهت الإسلام مثلما شوهت النصرانية وأجبرت المسلمين على التنصر وهدمت كل بنيان إسلامي وادعت زوراً وبهتاناً ، وانتهت من ذلك خلال قرون ثلاثة كانت تعد الانتهاء من ذلك وأهله في الأندلس أملاً من آمال تلك الظغم الظالمة الآثمة وحتى لا يسمع أحد بعدها شيئاً ، وضعوا لذلك حجباً دون التعرف على الإسلام دين الله ، وما ارتكبوا في حقه من سواد العمل ، وإن سمع الناس به فبصورة منفرة مزورة عن دين الله لما روت من تشويه وافترت من أكاذيب ابتدعها حقدها الصليبي الأسود ونزعتها الأنانية ونفسها الغارقة في لذائذ المحرمات النابتة في مستنقع المنكرات ، حتى غدا ذلك عندها ديناً تبنته وتؤمن به وتعمل لحمايته ، يقود ذلك رجال الكنسية ، الذين كانوا الأمل أن يكونوا أعقل الناس وأقربهم إلى هداية الإسلام ، وأولى أهل الكتاب بالإيمان به والدعوة إليه وحمل رايته والجهاد من أجله بإخلاص ..
وللأسف فقد كان هؤلاء قادة هذا الكبر والإثم والعدوان ، وقد اعتمدوا في ذلك [ مما اعتمدوا ] على تعمية البصائر والأبصار وحماية باطلهم والاستنامة إلى حجب الفطر عن الأنوار ، التي أضاءت قوية منيرة بدين الله الذي ارتضاه رحمة للعالمين ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
لكن إذا نفع ذلك مع أي شيء فهو لا ينفع مع الإسلام الذي لابد لنوره أن ينبثق يوماً في أي مكان وكل مكان ، بل ومن خلال الأسباب والأحداث والأمكنة التي ظن أن فيها الحماية والاستتار ، حيث يحاط بهم ويأتيهم الله من حيث لم يحتسبوا ، وممن ربوهم على أيديهم والطريق التي ساقوا الناس فيها .. فكم من وضع سعى بذلك ، وفي العصر الحديث [ إماطة للدعوة الإسلامية ] كانت بستاناً يانعة الغروس ..
ولقد ساق الله تعالى في القرآن الكريم قصة موسى وفرعون ، مثالاً يتكرر .. وفي التاريخ الإسلامي عبر منها موضوع إسلام التتار والمغول الذين هاجوا العالم الإسلامي وأوغلوا في تخريبه ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
هكذا كانت الأساليب التي صيغت لحرب الإسلام ، متنوعة مغرقة ، في غير ما حالة ، تخدم في عين الوقت [ أو فيما بعد ] الإسلام ، وتلك من معجزات هذا الدين التي أودعها الله فيه ..
وعلى ذلك فنحن نوجه القول إلى كل الذين يحاربون الإسلام يندفعوا بل يسمعوا ولا يعنفوا بل يكفوا ، ويعيدوا النظر ويبعدوا فيه ويعمقوا البصر إلى ما وراء الزبد كي لا يكون حاجباً عما تحته من أسباب الحياة الإنسانية وصارفاً عن السعادة في الدارين ، وأن هنالك رباً جليلاً حسيباً قريباً قوياً قاهراً لا يفلت منه أحد ولا يغيب عنه شيء فلا يصح الإعراض عن دينه الذي ارتضاه فيكف بمن حاربه وعاداه ..
قدوم الحق .. يا ويح الجاهليات أنها تعيش في أرض الله وتنعم بفضله وبما سخر لها من أسباب الحياة برحمته في نفسها وفيما حولها وأنزل لسعادتها في الدارين من دين قويم كريم فترفضه وتأباه بل تحاربه وتنصر الظلمات ، ويتحولون إلى طغاة سدنة للجاهلية يلوذون باعتباها ويحرسون أبوابها الموصدة ، عادوا نعم الله تلك ، اتخذوها أسلحة لحرب شرعة .. فأي عصيان للواحد الديان المنعم الرحمان بفعل يقودهم إلى خسارة وتعاسة في الدارين ، يدعون على الله كذباً وزوراً .. إنها ظلمات الجاهلية في أي زمان ومكان .. والحق إن شاء الله قادم يكشف هذه الغمة ويزيل العتمة ويذهب بالظلمة يأخذ بالإنسان إلى نور الله المبين ..
وحين يعيد هؤلاء المنظر ويمكنون للبصيرة والبصر سيجد الذين جهلوه الأمن والأمان والذين سخروا ما معهم وجعلوا موقفهم من الإسلام عدواناً وحرباً مسخرين ما لديهم من المناصب والمواكب والمسئوليات ، مسلمين وغير مسلمين ، أنهم جانبوا طريق الله وأصابهم الندم في الدنيا والآخرة ، والعاقل الذي يصحح مسيرته قبل فوات الأوان ..
والذين جعلوا من أنفسهم جبهة في مواجهة الإسلام ، وبأي ثوت كانت هذه المحصلة ، لا يغير منها ادعاء أكثرهم أن لم يكن كلهم ، يعرفون غير قليل عن الإسلام في حقائقه الساطعة المضيئة الثابتة ، وسيكون حسابهم عند الله عسيراً ولا يجنون في الدنيا إلا ثماراً مرة وتكون في الآخرة عليهم حسرة .. فاللهم أهدنا وثبتنا على دينك القويم واجعلنا من حملة القرآن العظيم لننطلق فيه بالحياة أعلاماً منيرة وفي الآخرة نوراً به نلقاك ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
وموضوع اليوم فيه من العبرة بليغها ، والأحداث عجيبها ، والأخبار مذهلها ، مؤداها أن الصدق لا يضيع ودين الله الحق لا يغيب ومنهجه المضيء لا يحجب مهما كان ، فلابد أنه يوماً ما ظاهر والله تعالى له ناصر يجري الأمور بحكمة قد لا نعلم كلهما ونشهدها خلال أجيال ، والمسلم يخدم دينه في كل حال ولكن النهاية للإسلام الذي وعد الرحمن بنصره والتمكين له في الأرض يورثه عباده المؤمنين بالله تعالى ..
الغدر شيمة الجاهلية مهما كانت الهوية .. إنه بعد استسلام أبو عبد الله الصغير وتسليم غرناطة [ آخر حصن للمسلمين في الأندلس ] للملكين الكاثوليكيين فردناند وإيزابيلا ، حسب معاهدة العار [ معاهدة تسليم غرناطة ] التي وقعت سنة 897 هـ في نحو 67 بنداً ، كان أول شيء فعله الملكان الكاثوليكيان المتدينان [ مع السلطات الاسبانية الصليبية ، بتجنيد الكنسية وتأييدها وتشديدها ] هو نقض بنود هذه المعاهدة كافة ، شيئاً فشيئا .. إلا أنه بعد عشر سنوات من هذا التاريخ وصل الأمر إلى حد قيام سلطة الدولة والكنسية بإجبار المسلمين على التنصر قهراً وإلا فلا مكان لأحد منهم هناك .. ومن يعارض ذلك أو يقاومه أو يمتنع عنه فليس له إلا الموت .. وقد أبيدت قرى ومواقع امتنعت عن التنصر ، واستؤصلوا إلى آخرهم ، قتلاً وسبياً ..
\/\/\/\/\/\/\/\/ /\/\/\/\/\/\/\/\
وأمام هذا القمع الوحشي لكل من تمسك بالإسلام وأظهره ، الأمر الذي جعل مسلمة الأندلس يظهرون النصرانية ويبطنون الإسلام ، وعرف هؤلاء باسم المورسكيون [ Los Moriscos ] ويوم أحست السلطات الاسبانية ومعهم الكنسية بذلك ، قاموا بإعدام الكثير منهم حرقاً ، وهو أمر تكر في أكثر من مكان وفي أوقات متعددة في تلك الديار .. وكانت أحكام الموت حرقاً كثيراً ما تتم بشكل جماعي في احتفال كنسي يحرضها المخدوعون المثقلون من الناس ، يستمتعون بها أو يتظاهرون ، ومن غزتهم روح الصليبية استمتعوا بها حقاً لاسيما السلطات الكنسية ..
ثم إن تلك المحاكم [ لكي نعزل هؤلاء المسلمين وتحجزهم ، دون الدفاع عن أنفسهم ] جردتهم من حمل أي نوع من الحديد أو السلاح حتى السكين ، ليجعلوهم عُزلاً ، لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بأي شيء .. وسياسة عزل المسلم وتجريده أسلوب تتبعه السياسات الحاضرة في بعض البلاد الإسلامية [ كأفغانستان وفلسطين ] في كثير من المواقع ، ولابد للمسلمين أن يدركوا ويعلموا لتفويت الهدف ، كلما أمكنهم ذلك الأمر ..
وبهذه السياسة ، الغبية الحاقدة الغاشمة القاتلة ، سارت سلطات اسبانيا الصليبية وكنيستها ، تلك السياسة التي ترفضها كل أديان الله تعالى ، وهي واحدة في العقيدة والحقيقة والاتجاه والهدف .. والإسلام آخر
الخميس سبتمبر 01, 2011 10:43 am من طرف 
اليومية
